منتدى الفلسفة و تحليل الجيوستراتيجي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الاعلام الاستراتيجي في ادارة الازمة

اذهب الى الأسفل

الاعلام الاستراتيجي في ادارة الازمة Empty الاعلام الاستراتيجي في ادارة الازمة

مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء مارس 03, 2015 12:53 pm

[right]الإعلام والأزمة
.مقياس إدارة الأزمات . ENA
مقــــــــــــدمة
المبحث الأول: ماهية الأزمة
المطلب الأول: مفهوم الأزمة
المطلب الثاني: أنواع الأزمة
المطلب الثالث: خصائص الأزمة
المطلب الرابع: مسببات الأزمة
المبحث الثاني: إدارة الأزمات
المطلب الأول: تعريف إدارة الأزمات
المطلب الثاني: أهداف إدارة الأزمات
المطلب الثالث: مبادئ إدارة الأزمات
المطلب الرابع: طرق التعامل مع الأزمة
المبحث الثالث: دور الإعلام وإدارته في ظل وجود الأزمة
المطلب الأول: الإعلام في مواجهة الأزمة
المطلب الثاني: تصور مقترح لإدارة الإعلام أثناء الأزمة
المطلب الثالث: دور الإعلام قبل، وأثناء، وبعد الأزمة
المطلب الرابع: الحملات المعادية والشائعات
الخـــــــــــاتمة
المطلب الأول: مفهوم الأزمة يعد مفهوم الأزمة واحدا من المفاهيم المراوغة التي يصعب تحديدها .
ويرى الباحثون أن ذلك يعود لأسباب متعددة ومتداخلة أبرزها:
1- صعوبة تحيد ماهو مقصود بالأزمة .
2- الطبيعة الشمولية للمصطلح واتساع نطاق استخدامه ( أزمة هوية، أزمة أخلاق، أزمة اقتصادية، أو سياسية أو عسكرية ).
3- خصوصية المنظور الذي ينظر به كل علم إلى مفهوم الأزمة، وخاصة بعد أن جذب مجال دراسة الأزمات العديد من الباحثين من مجالات علمية مختلفة.
4- نتج عن كثرة التعاريف وتنوع المعالجات زيادة غموض المفهوم .(1)
الأزمة ماهي إلا مرحلة متقدمة من مراحل الصراع بدءا من داخل النفس البشرية وانتهاء بالصراعات الدولية، وغالبا مايكون نتيجة لتكالب الناس على الموارد المادية المحدودة والفرص المعنوية المعدودة.
ولما كانت الأزمة درجة من درجات الصراع أو مرحلة منه فإنها تعزى كذلك على الحصر أو التحديد ولذا فإننا نورد بعض التعريفات لبيان ماهي الأزمة وذلك على النحو التالي:
الأزمة لغويا: يعرف قاموس مختار الصحاح الأزمة بأنها الشدة والقحط و( أزم ) عن الشيء أمسك عنه وفي الحديث أن عمر رضي الله عنه سأل الحارث بن كلدة عن الدواء فقال ( الأزم ) يعني الحمية وكان طبيب العرب، و ( المأزم ) المضيق وكل طرق ضيق بين جبلين مأزم وموضع الحرب أيضا مأزم ومنه سمي الموضع الذي بين المشعر وبين عرفه مأزمين.
أما ترجمة ( الأزمة ) باللغة الإنجليزية crisis فيعرفها قاموس هيريتج Heritage بأنها تعني2)
أ‌- حالة خطيرة وحاسمة أو نقطة تحول.
ب‌- أوضاع غير مستقرة في الشؤون السياسية أو الاقتصادية أو العالمي والتي يوشك أن تحدث فيها تغيير حاسم.
ت‌- تغيير فجائي في مرض مزمن إما للتحسن أو للتدهور.
أما اصطلاحا: فقد تعددت تعريفات الأزمة، فاختلفت في بعض الجوانب، واتفقت في جوانب أخرى، وفيما يلي عرض بعض التعريفات
تُعرف دائرة معارف العلوم الإجتماعية الأزمة بأنها : "" حدوث خلل خطير ومفاجئ في العلاقات بين شيئين "" .
ويقدم " وليم كونت " التعريف التالي للأزمة: "" الأزمة هي تلك النقطة الحرجة واللحظة المناسبة التي يتحدد عندها مصير تطور ما "". (1)
ويعرف " جوناثان روبرت " الأزمة بأنها : "" مرحلة الذروة في توتر العلاقات في بنية إستراتيجية وطنية أو إقليمية أو محلية "" .(2)
أو هي تلك النقطة الحرجة واللحظة الحازمة التي يتحدد عندها مصير تطورها، إما إلى الأفضل وإما إلى الأسوأ، الحياة أو الموت، الحرب أو السلم لإيجاد حل لمشكلة ما أو انفجار.(3)
ونقول أن الأزمة هي حدث أو موقف غالبا مايتم بصورة مفاجئة وغير متوقعة أو يكون التنبؤ به قد تم بوقت قصير قبل وقوعه بحيث لايتيح الوقت المناسب لاتخاذ الإجراءات لمواجهته مما يهدد حياة الأفراد والمجتمعات .
المطلب الثاني: أنواع الأزمات
تتعدد وتتنوع الأزمات التي يمكن أن تتعرض لها المنظومة المجتمعية أو أحد مكوناتها سواء كانت فرد أو شركة أو حتى المجتمع بكامله ويعتقد أن استعراض أنواع الأزمات يعد أمرا هاما وضروريا نظراً لاختلاف السمات المميزة لكل نوع ، الأمر الذي يفرض أسلوب ومنهجية للتعامل تختلف من نوع لأخر .
1- تصنيف الأزمات من حيث طبيعة الحدوث:
 أزمة بفعل الإنسان: وهي الأزمات الناشئة عن فعل إنساني، مثل عمليات الإرهاب والتهديد والاضطرابات العامة والإهمال وحوادث الطائرات والقطارات وغيرها .
 الأزمات الطبيعية: وهي التي تحدث دون تدخل من الإنسان مثل، الأزمات الناجمة عن كوارث طبيعية، وتضم الزلاماوال والبراكين والأعاصير، وتتسم الأزمات الناجمة عن الكوارث الطبيعية بأنها تحدث فجأة ودون مقدمات، فضلا عن اتسامها بعمق التأثير، ويمكن أيضا أن تتسم تلك الأزمات باتساع مجال التأثير ومن ثم فلا يمكن تجاهلها أو حتى مجرد إهمالها، نظرا لأنها تؤدي إلى إفراز نتائج خطيرة .(1)
2- تصنيف الأزمات وفقا لمرحلة التكوين:
تمر الأزمة باعتبارها ظاهرة اجتماعية بدورة حياة، مثلها في هذا مثل أي كائن حي، وهذه الدورة تمثل أهمية قصوى في متابعتها والإحاطة بها من جانب متخذ القرار الإداري، فكلما كان متخذ القرار سريع التنبه في الإحاطة ببداية ظهور الأزمة ، أو بتكوين عواملها كلما كان أقدر على علاجها والتعامل معها .
أ‌- الأزمة في مرحلة الميلاد: وفي هذه المرحلة تبدأ الأزمة الوليدة في الظهور لأول مرة في شكل إحساس مبهم قلق بوجود شيء ما يلوح في الأفق، ومن هنا يكون إدراك متخذ القرار وخبرته ومدى نفاذ بصيرته، وهي العوامل الأساسية في التعامل مع الأزمة في مرحلة الميلاد، ويكون محور هذا التعامل هو تنفيس الأزمة وإفقادها مرتكزات النمو، وثم تجميدها أو القضاء عليها .
ب‌- الأزمة في مرحلة النمو: عندما لاينتبه متخذ القرار إلى خطورة الأزمة في مرحلة الميلاد تنمو وتدخل في مرحلة النمو والاتساع، وفي تلك المرحلة يتعاظم الإحساس ولا يستطيع متخذ القرار أن ينكر وجودها أو يتجاهلها، نظرا لوجود ضغط مباشر يزداد ثقله وكثافته يوما بعد يوم، وفي هذه المرحلة يكون على متخذ القرار التدخل من أجل إفقاد الأزمة روافدها المحفزة والمقوية .
ت‌- الأزمة في مرحلة النضج: نادرا ما تصل الأزمة إلى هذه المرحلة، ولكنها أحيانا ما يحدث عندما يكون متخذ القرار الإداري على درجة كبيرة من الجهل والتكبر والتخلف والاستبداد برأيه وانغلاقه على ذاته، ومن ثم تزداد القوى المتفاعلة في المجتمع وتغذى الأزمة بقوة تدميرية، وهنا قد تكون الأزمة بالغة العنف شديدة القوة تطيح بمتخذ القرار ومجتمعه وبالمؤسسة أو المشروع الذي يعمل فيه .
ث‌- الأزمة في مرحلة الانحسار والتقلص: وتصل الأزمة إلى هذه المرحلة عندما تتفتت بعد تحقيقها هدف التصادم العنيف، وتصبح الأزمات في هذه الحالة كأمواج البحر.
ج‌- الأزمة في مرحلة الاختفاء: وتصل الأزمة إلى هذه المرحلة عندما تفقد بشكل كامل قوة الدفع المولودة لها أو لعناصرها وجزئياتها التي تنتمي إليها، والحقيقة أن الانحسار يكون دافعا للكيان الذي حدثت فيه الأزمة لإعادة البناء .
وفي كل مرحلة من هذه المراحل يتعين على متخذ القرار الإلمام بأدوات التعامل مع الأزمة، وتحليلها بدقة متناهية حتى لاتخطىء في التشخيص، وبالتالي يكون الخطأ في العلاج مدمراً .(1)
3- تصنيف الأزمات من حيث معدل تكرار حدوثها:
ويعد هذا الأساس من أهم الأسس التي تستخدم في التفرقة بين الأزمات وفي تشخيصها أيضا ووفقاً لهذا الأساس يمكننا أن نميز بين نوعين من الأزمات هما:
أ‌- الأزمات الدورية : وخير مثال على هذا النوع من الأزمات هي الأزمات الاقتصادية المرتبطة بالدورة الشرائية، ولعل أبلغ الأمثلة على ماتقدم ماحدث من أزمات بسبب الكساد الكبير الذي مر به العالم لمدة 12 شهر، بين عامي 1929-1930 ، وماتخلف عنه من دمار اقتصادي واجتماعي كانت أهم مخاطره البطالة السافرة والتوقف شبه الكامل لوحدات الإنتاج، والتدهور السريع في مستويات المعيشة، وانتشار الجرائم الخلقية والفساد والانحلال .
ب‌- الأزمات غير الدورية: هذه الأزمات عشوائية الحدوث، لاترتبط في حدوثها بأسباب دورية متكررة، مثل الأزمات المرتبطة بالدورة الاقتصادية ومن ثم لايسهل توقعها .
والأزمات غير الدورية تحدث نتيجة عوامل متعددة، مثل الأزمات الناجمة عن سوء الأحوال الجوية، أو تغير الظروف المناخية ( الأمطار-الأعاصير-الفيضانات-الجفاف.....الخ ) وعلى الرغم من أن هذه الأزمات تكون شديدة التأثير، إلا أنه يمكن معالجتها بمعالجة النتائج وليس بمعالجة الأسباب التي أنشأتها .(2)
4- تصنيف الأزمات من حيث المستوى:
أ‌- أزمات على المستوى الكلي:
وهذا النوع من الأزمات يصيب الدولة ككل، ويتأثر به المجتمع ككل، وهي الأزمات شاملة عامة سواء في أسبابها أو في نتائجها التي أفرزتها، ومن أهم المجالات التي تتصل بها هذه الأزمات ( البنيان الاقتصادي للدولة– الأداء الاقتصادي للدولة- النظام السياسي للدولة – الوضع الأمني الداخلي والخارجي للدولة-الاستقرار السياسي والاجتماعي للدولة- سيادة الدولة )، ومثل هذه الأزمات تحتاج إلى جهود ضخمة لمعالجتها .
ب‌- أزمات على المستوى الجزئي:
وهذا النوع من الأزمات يحدث على المستوى المشروعات أو الوحدات الإنتاجية، ويفرز نتائجه المختلفة، ويتميز بأنه متنوع ومتعدد إلى حد كبير نظرا لأن الوحدات الإنتاجية بطبيعتها متعدد ومتنوعة.(1)
5- تصنيف الأزمات من حيث درجة شدتها:
أ‌- أزمات عنيفة جامحة ساحقة يصعب مواجهتها:
وهي أزمات بالغة الشدة والعنف تهز الكيان الكلي للمجتمع هزًا وتكاد تقلع أعمدة هذا الكيان، ولا سبيل للتصدي لها إلا بإفقادها قوة الدفع الخاصة بتيار الأزمة، وخير مثال على هذا النوع، الأزمات العمالية العنيفة التي تصل إلى حد الإضراب العام عن العمل والامتناع عن القيام بأي وظيفة من الوظائف حتى يتم الاستجابة الكاملة لكافة المطالب التي ينادون بها مما قد يؤدي إلى خسائر ضخمة تتحملها الدولة،فضلا عما يحدثه الإضراب من إصابة جهاز الإنتاج بالشلل التام وما يترتب عليه من خسائر.
ب‌- أزمات هادئة خفيفة يسهل مواجهتها:
على الرغم من أن هذا النوع من الأزمات يبدو عنيفا بعض الشيء بالنسبة للقائمين به إلا أن تأثيره على الرأي العام أو الجمهور المحيط به يكون خفيفًا ويسهل معالجته بشكل فوري سريع بمجرد لمس وعرفة أسبابه، وأهم مثال هو الأزمات الناتجة عن الإشاعات أو الناجمة عن حوادث تخريبية من قبل الأعداء، وبمجرد الوصول إلى أسباب هذه الأزمات ومصارحة الجمهور وكاشفتهم بها تنتهي الأزمة ويتم التغلب عليها، بل وتقوم بعض الكيانات الإدارية الذكية بطلب المساعدة من الجمهور فيتحول من طرف خصم في الأزمة إلى طرف مشارك في علاجها .(1)
6- تصنيف الأزمات من حيث موضوع أو محور الأزمة:
أ‌- أزمات مادية: وتدور حول محور موضوعي مادي، مثل أزمة الغذاء أو أزمة السيول أو أزمة العمالة أو أزمة انخفاض المبيعات.
ب‌- أزمات معنوية: تدور حول محور غير موضوعي يرتبط بذاتية الأشخاص المحيطين بالأزمة، مثل أزمة الثقة أو أزمة المصداقية أو أزمة الولاء والانتماء.
ت‌- أزمات تجمع بين المادية والمعنوية: وهذا النوع من الأزمات كثيرا مانلمسه في المشكلات الدولية والمحلية، مثل أزمة الرهائن وأزمة الإرهاب وأزمة الاغتراب، فلكل منهما جانبان، جانب مادي متمثل في الواقع المادي الذي أحدثته الأزمة أو نجمت عنه، والجانب المعنوي الذي يحدث الأزمة في نفس المحيطين بها .(2)
المطلب الثالث: خصائص الأزمة
من خلال وضعنا لإطار الأزمة نجد أنها نتاج مجموعة تراكمية متتابعة من الأحداث والتفعيلات التي بعضها البعض الأخر إلى أن تصل إلى مرحلة الأزمة، وللأزمة خصائص أساسية هي:
1- حالة توتر غالبا ماتكون غير مألوفة وغير معتادة ومفاجئة وغير متوقعة، وتؤدي تتابع الأحداث بشكل سريع يهدد الأهداف الأساسية للكيانات ذات العلاقة.
2- تسبب الأزمة في بدايتها صدمة من درجة عالية من التوتر والضعف وغياب التنظيم والتكامل في أساليب المواجهة.
3- يتطلب هذا الموقف أساليب ونظما ونشاطات جديدة وسريعة لمواجهة الظروف المترتبة على هذه التغيرات المفاجئة.
4- ينطوي حدوثها على مساس بالأرواح أو خسائر ضخمة في الأموال أو كلاهما.(3)
المطلب الرابع: مسببات الأزمة
1- أسباب خارجة عن إرادة الإنسان: كما هو الوضع بالنسبة للكوارث الطبيعية، مثل الزلاماوال والبراكين والأعاصير.
2- ضعف الإمكانيات المادية والبشرية والمعنوية؛ للتعامل مع بعض الأحداث والمواقف، وقد يؤدي القصور في الإمكانيات التي تفاقم الوضع ومضاعفة الخسائر المادية والمعنوية الناجمة عن الأزمة، بما قد يتسبب في إيجاد أزمات تابعة كان من الممكن تلافيها في اللحظة الأولى لو تم التعامل مع الأزمة بمهارة عالية من خلال حسن استخدام الموارد المتاحة، مثل أزمة الديون.
3- إهمال الإنذارات؛ أي الإشارات التي تسبق الأزمة إيذانا بوقوعها مع عدم جدية سوء تقدير الموقف بالنسبة لتلك الإشارات والإنذارات سواء عن قصد أو غير قصد، ويأتي هذا لسبب عدم الاعتقاد وقلة الخبرة في التعامل الخاص بالجوانب الوقائية، مثل أزمة الإرهاب.
4- الإشاعات؛كثير ماتكون الإشاعات سبب هام في تكوين الأزمات ويتم تسخير الإشاعة بإستخدام مجموعة حقائق صادقة قد حدثت فعلا وملومة من جانب قطاع كبير من الأفراد وبالتالي فإن إحاطتها بهالة من البيانات والمعلومات الكاذبة والمضللة وإعلانها في توقيت معين،ومن خلال استغلال حدث معين تحقق الأزمة، ومن أمثلة هذا النوع من الأزمات ، التموينية التي شاع أنها أصبحت محدودة العرض لسبب أو لأخر، كذلك الأزمات العمالية عند حدوث إشاعة تخفيض الحوافز أو الاستغناء عن عدد متزايد من العمال.
5- الأخطاء البشرية؛ أي إهمال البشر الذي سبب كثيرًا من الأزمات، مثل ذلك انفجار مكوك الفضاء تشالجنر وما نتج عنه من أزمة عنيفة في الثقة في بعض الهيئات المشرفة على برنامجه، وما أحدثته الأزمة من صدمة في كيان المجتمع الأمريكي، كان مصدره خطأ بشري متمثل في تعاقس كثير من العاملين عن القيام بوظائفهم الفنية وكذلك المشرفين على القيام بالعمليات الإشرافية .
6- سوء الإدراك، يمثل الإدراك مرحلة استيعاب المعلومات التي أمكن الحصول عليها والحكم التقديري على الأمور المعروضة، فإذا ماكان هذا الإدراك غير سليم و نجم عن تداخل في الرؤية والتشويش سواء المعتمد أو الطبيعي، فإنه يؤدي إلى عدم سلامة الاتجاه الذي اتخذه القائد الإداري، بل ويؤدي إلى انفصام العلاقة بين الأداء الحقيقي للكيان الإداري ( المؤسسة، الدولة، المشروع ) وبين القرارات التي يتخذها هذا القائد الإداري، ومن هنا إذا تراكمت نتائج التصرفات السابقة بشكل معين، في حين كان متخذ القرار يدرك أنها تأخذ شكلا آخر، فإنه يخلق ضغطا مولدًا الانفجار الأزمة.
7- سوء التقدير والتقييم؛ وهي من أكثر أسباب الأزمات في جميع المجالات خاصة المجالات العسكرية التي يكون فيها الصدام العسكري وشيك الحدوث أو دوائر فعلا، كما تعد أزمة حرب أكتوبر 1973 أحد الأمثلة القوية على هذا السبب خاصة عندما توافرت لدى كل من الولايات المتحدة وإسرائيل المعلومات الكاملة عن الحشود المصرية والسورية العسكرية ولكنها تحت وهم وغطرسة القوة وخداع النفس وقعا في خطأ سوء التقدير، مما أدى إلى نشوء الأزمة العنيفة الطاحنة التي حطمت أسطورة التفوق العنصري الإسرائيلي وأسطورة جيشها الذي لايقهر، وأصابت المجتمع الإسرائيلي بأزمة عنيفة في أمنه واستقراره لاعلاج لها ولا خروج منها وإلى الأبد.
8- الإدارة العشوائية؛ وهذا النوع من الإدارة يعمل ليس فقط كسبب وباعث للأزمات، ولكن أيضا وبدرجة أشد خطورة كمدمر للكيان الإداري ومحطم إمكانياته وقدراته ولاستعداده لمواجهة أي أزمة مهما كان حجمها صغيرا أو يمكن التغلب عليها، فالإدارة العشوائية هي إدارة تقوم على الجهل وتشجيع الإنحرافات والتسيب وتحول الكيان الإداري الذي حدثت به إلى كيان رخو لايستطيع الصمود أمام أي أزمة، وتقوم هذه الإدارة على أساليب الفعل، واتخاذ القرار الذي يمليه الموقف والمزاج الشخصي للقائد، وهي إدارة تبريرية، والقرارات فيها معدومة التأثير ويصبح الكيان الإداري مرتعا خصبًا للفساد والإفساد والنهب السافر لكل الموارد.(1)
المطلب الأول: تعريف إدارة الأزمات
علم إدارة الأزمات هو أحد العلوم الإنسانية الحديثة التي ازدادت أهمية في عصرنا، وهو علم إدارة توازنات القوى ورصد حركتها واتجاهاتها، وهو أيضا علم المستقبل وعلم التكيف مع المتغيرات، وعلم تحريك الثوابت وقوى الفعل في المجالات الإنسانية كافة، إنه علم مستقل بذاته، ولكنه متصل بكافة العلوم الإنسانية.(1)
ونود هنا بعض من تعاريف إدارة الأزمات :
عرف فينك Fink 1976 إدارة الأزمات بأنها "" فن تجنب الوقوع أو تخفيض المخاطر وظروف عدم التأكد لتحقيق أكبر قدر من التحكم والرقابة على الأخطار المحتمل أن تواجه المنظمة "".
كما عرف إدارة الأزمة بأنها "" القدرة على إزالة الكثير من المخاطر وعدم التأكد لتحقيق أكبر قدر من التحكم في مصير المنظمة، وهذا يعني استخدام التخيل لعرض أسوأ مايمكن حدوثه ثم تقييم القرارات البديلة قبل الحدوث "" .
وعرف غريب هاشم إدارة الأزمة بأنها "" عبارة عن كافة الوسائل والإجراءات والأنشطة التي تنفذها المنظمة بصفة مستمرة في مراحل ماقبل الأزمة وأثناءها وبعد وقوعها، والتي تهدف من خلالها إلى تحقيق مايلي :
 منع وقوع الأزمة كلما أمكن.
 مواجهة الأزمة بكفاءة وفاعلية.
 تقليل الخسائر في الأرواح والممتلكات إلى أقل حد ممكن .
 تخفيض الآثار السلبية على البيئة المحيطة .
 إزالة الآثار النفسية التي تخلفها الأزمة لدى العاملين والجمهور.
 تحليل الأزمة والاستفادة منها في منع الأزمات المشابهة، أو تحسين وتطوير قدرات المنظمة وأدائها في مواجهة تلك الأزمات.

المطلب الثاني: أهداف إدارة الأزمات
أ‌- أهداف ماقبل وقوع الأزمة:
 ضرورة تحقيق درجة استجابة سريعة وعالية وفعالة لظروف المتغيرات المتسارعة للأزمة بهدف درء أخطارها قبل وقوعها.
 ضرورة وضع خطة لتحقيق تلك الأهداف الكلية.
 منع التهديد وإعادة النظام والاستقرار.
 تحليل أنواع الأزمات والكوارث لتصنيفها حسب وجهة النظر الآتية ( الكوارث الطبيعية، ويتم التعامل بها بإستراتيجية رد الفعل، والكوارث التي من صنع الإنسان فإنه يمكن الحيلولة دون وقوعها وإتباع سياسة المبادرة ).
 تصور عام ومبدئي لكيفية مواجهة الأزمات في اقتصاد نامي "" محدود الإمكانيات "" .
 محاولة وضع آلية للتنبؤ بالأزمات واكتشاف إشارات الإنذار المبكر .
ب‌- أهداف أثناء حدوث الأزمة:
 ضرورة التحكم وإتخاذ القرارات الحاسمة لمواجهتها وتقليص أضرارها .
 تنظيم الجهود والتنسيق بين محاور الأزمة للتغلب عليها ومواجهتها بأقل خسائر ممكنة وفي أسرع وقت ممكن وبكفاءة عالية.
ت‌- أهداف مابعد الأزمة:
 توفير الدعم الضروري لإعادة التوازن إلى حالته الطبيعية .
 توثيق كل مايتعلق بالأزمة بدء من بداية ظهورها، مرورًا بطريقة التعامل معها، إنتهاءًا باختفائها .
المطلب الثالث: مبادئ إدارة الأزمات
وهي كالآتي:
 ضرورة التحديد الواضح للهدف من وجود إدارة الأزمات وبدون تحديد هذا الهدف ؛ لاتستطيع إدارة الأزمات تحديد، أي حالات يستلزم تدخل سريع وأيها لايستلزم .
 ضرورة الإعداد والتخطيط المسبق للازمات المحتملة، ورصد المتغيرات البيئية المولدة للأزمات مع إعداد سيناريوهات المواجهة.

 ضرورة توفير المعلومات الصحيحة والكافية، فالأزمة عادة هي حالة من عدم التأكد ونقص المعلومات اللازمة لاتخاذ قرارات سليمة.
 ضرورة توفير نظام جيد للاتصالات، سواء كانت اتصالات داخلية، حيث تلعب دورا كبيرًا في عملية جمع المعلومات وتحليلها، أو خارجية من شأنها أن تعرف الإدارة بالبيئة المحيطة بالأزمة.
 البحث عن القيادة السوية الرشيدة غير الإنفعالية، والتي يتوافر بها ثقافة إدارية ملائمة وثقافة عامة حتى يمكنها التعامل مع الأزمة بأسلوب علمي.
 العمل على إستعادة النشاط بصورة طبيعية بعد حدوث الأزمة في أقرب وقت ممكن، وكشف أي قصور أو خلل في عملية مواجهتها أو الإعداد لها، لمحاولة منع تكرارها مرة أخرى أو على الأقل تحسين أسلوب الإعداد والمواجهة . (1)
المطلب الرابع: طرق التعامل مع الأزمة
تختلف وتتعدد طرق التعامل مع الأزمة، ويضيف الباحثون هذه الطرق إلى نوعين رئيسيين:
أ‌- طرق التقليدية:
 إنكار الأزمة، وعدم الاعتراف بها.
 كبت الأزمة، أملاً بالبحث عن مخرج قبل الإنفجار .
 تنفيس الأزمة بتخفيف حدتها .
 تفريغ الأزمة من خلال العمل على تفريغ مضمونها، وبالتالي من زخمها .
 عماوال قوى الأزمة من خلال السعي لإستبعاد أطراف معينة وحصر الصراع مع طرف واحد .
 إخماد الأزمة بأسلوب ما ( تقديم تناماوالات، الإقدام على مناورات، القبول بحل وسط .....الخ ).
ب‌- طرق غير تقليدية:
 تشكيل فرق عمل مؤقت أو دائم، لتشخيص، ومتابعة تحرك وتطور الأزمة، والتعامل معها.
 طريقة احتواء الأزمة واستيعابها وربما تجاوزها.
 طريقة تصعيد الأزمة، ضمن إستراتيجية معينة مدروسة ومرسومة .
 طريقة تفتيت الأزمة عبر تجزئتها .
 طريقة تدمير الأزمة ذاتيا من خلال تفجيرها من الداخل .
 طريقة تحويل مسار الأزمة من خلال تغيير وجهة تحركها بإتجاه مناطق أو مجالات مناسبة. (1)

المطلب الأول: الإعلام في مواجهة الأزمات
أولا: الإعلام والأزمة
ويستخلص من الأبحاث الإعلامية التي تعرضت للتأثير المتبادل بين الأزمة والإعلام النتائج التالية: تؤدي ظروف الأزمة إلى تزايد:
1- أهمية الدور الوسيطي، الذي تقوم به وسائل الإعلام، وخاصة مايتعلق بإنجاز المهام التالية:
 تقديم المعلومات.
 شرح أهمية ومغزى الأحداث .
 بناء الوفاق الإجتماعي .
 تخفيف التوتر والقلق.
2- هناك من يرى أن الأزمة تؤدي إلى دعم ومساندة أدوار وسائل الإعلام، وخاصة مايتعلق ببناء الوفاق وتخفيف التوتر .
3- تجذب الأزمة اهتمام وسائل الإعلام، ولكنها أيضا وبالمقايل تجذب اهتمام الرأي العام بوسائل الإعلام، الذي يصبح أكثر تعرضا لها وهذا مايفسر حقيقة أن ظروف الأزمة تتميز دائما بالاستخدام المكثف لوسائل الاتصال .(1)
يتحدد دور الإعلام في مواجهة الأزمة على أساس المعطيات التالية :
1/ الفسيفساء الإعلامية:
يتميز الإعلام المعاصر بالكثافة والغزارة وحدة المنافسة يتعرض الفرد لرسائل إعلامية أكثر من مقدرته متابعتها والإطلاع عليها وفهمها.
وكذلك أكثر من الوقت الذي يستطيع أن تخصصه أي فرد للتعرض لوسائل الاتصال. ترتب على ذلك احتدام المنافسة بين الرسائل، وتزايد الجهود المبذولة لتقديم رسائل مبتكرة ومتطورة وجذابة، قادرة على أن تنافس ، وأن تصل ، وأن تؤثر .
أتاح التطور التكنولوجي وتطبيقاته المتسارعة في مجال الاتصال للفرد المعاصر أن يبرمج تعرضه ، وأن تحدد خياراته، وأن ينتقي ولم يعد بالتالي محاصرًا بوسائل إعلام وطنية أو إقليمية أو دولية محدودة بل أصبح بإمكانه أن ينوع مصادرها الإعلامية، ويختارها بقة وترتب على ذلك ازدياد مهمة الوصول إلى هذا المتلقي المعاصر وتعقيدًا .
2/ سيكولوجية الأزمة :
الأزمة، كما أشرنا سابقًا، وضع استثنائي معقد، يتسع ليطال جوانب حياة المجتمع كافة، يترك هذا الوضع مناخا سيكولوجيا يتميز بالسمات التالية:
أ‌- الإحساس بنوع معين من التوجس والقلق، تمثل الأزمة، وتستدعي إستجابات وردود فعل، وتبرز أثناء الأزمة الحاجة للشعور بالأمن والطمأنينة .
ب‌- الحاجة إلى المعرفة ، مالذي حدث ؟ ولماذا حدث ؟ وماهي الأسباب ؟ وآفاق التطور ؟ تبرز أثناء الأزمة الحاجات الإعلامية المعرفية والفكرية.
ت‌- تضعف أثناء الأزمة مقاومة الناس للتأثير بأية أقوال أو مواقف أو رسائل إعلامية خارجية ، ويكون الفرد أكثر طلبًا وأكثر استعدادا، وأكثر عرضة وقابلية للاختراق .
ث‌- تستدعي الأزمة جدًا من استنفار المعارف والمعلومات والأفكار والمواقف في حياة الفرد والمجتمع ويتم تخصيص وقت أكثر للتعرض لوسائل الإعلام المختلفة الداخلية والخارجية، كما تصبح الأزمة وتطوراتها موضوع الأحاديث اليومية، ويزداد بالتالي الاستهلاك الإعلامي شراهة .
ج‌- الأزمة لاتعني النهاية، بل هي عبارة عن موقف يستدعي إمكانيات أخرى للتكيف، وميكانيزمات جديدة للتبدل والتحول وهذا مايتطلب نشاطًا فكريا، يتركز حول مهمة توليد المعاني ( فن الحوار ) ، يستطيع إعلام الأزمة أن يقوم بدور فعال ولافت في هذا المجال .
3/ تزايد أهمية البعد الإعلامي في هذا المجال :
أ‌- يشكل الإعلام المعاصر خط التماس الأول للتعامل مع الأزمة إن أنية الإعلام وموضوعه، ودوريته ، ومرونته وتنوعه، أمور تجعله فعالا وأكثر تأهيلا للتعاطي مع أي أزمة منذ مراحلها المبكرة .
ب‌- أصبح الإعلام المعاصر الشاشة العريضة التي تظهر وتتوضح ، وتتكشف، مختلف الصراعات والأزمات في المجالات كافة ، وأصبحت إهتمامات الإعلام المعاصر عامة ومتنوعة تتسع لتشمل مجالات الحياة كافة وخطابه عام ومنتشر يتسع ليشمل المجتمع كافة والرأي العام الإقليمي والدولي .
4/ تراجع التجربة المباشرة:
يتزايد تراجع التجربة الشخصية المباشرة للفرد المعاصر كوسيلة للتعرف على الواقع والحصول على المعلومات والمعرفة الضرورية لتكوين الرأي العام وتحديد الموقف وتقرير نمط السلوك، ويعود الحاجات الإعلامية للفرد والتطور التكنولوجي، وطبيعة الحياة وإيقاع العصر، أدى هذا التراجع إلى تزايد أهمية الدور الوسيطي الذي تلعبه وسائل الإعلام، بحيث أصبح من الممكن القول أن ماتقدمه وسائل الإعلام، وليس التجربة المباشرة،هو الأساس لتكوين معارف وقيم وآراء الناس، وبالتالي لتحديد إتجاهاتهم ومواقفهم ومن ثم سلوكهم .
إن الجيل الجديد لم يعد يعرف العالم بشكل محدد على أساس القراءة أو أساس التحليلات المثبتة أيديولوجيا ولا على أساس الوصف الشامل إن هذا الجيل يمارس ويشعر بالعلم من خلال الاتصال السمعي - البصري.
5/ معالجة الأزمة:
ثمة نوعان من المعالجات الإعلامية للأزمة:
أ‌- المعالجة المثيرة: التي تستخدم تغطية تميل إلى التهويل والمعالجة السطحية، والتي ينتهي اهتمامها بالأزمة بانتهاء الحدث، وهي معالجة مبتورة ، تؤدي إلى تحليل وإلى تشويه وعي الجمهور .
وتعتبر هذه المعالجة استجابة لما تفرضه اعتبارات السلطة في بعض الأنظمة أو احتياجات السوق الإعلامية التي تقوم على أساس التركيز على الوظائف التسويقية للإعلام دون النظر إلى الوظائف التربوية أو التثقيفية.
ب‌- المعالجة المتكاملة: وهي المعالجة التي تتعرض للجوانب المختلفة للأزمة ( مواقف الأطراف المعنية، السباب، السياق، التطورات، الآفاق ).
تتسم هذه المعالجة بالعمق والشمولية والمتابعة الدقيقة ، التي تحترم موضوعها ومتلقيها وتستخدم من أجل تحقيق ذلك من خلال أحد الأسلوبين التاليين:
ت‌- النمط العقلي: الذي يقوم على أساس تقديم المعلومات الصحيحة والموثقة، والنمط النقدي: الذي يقوم على أساس تقديم المعلومات مع محاولة إشراك الجمهور المتلقي والانطلاق من المستوى الواقعي لوعي الجماهير، وربط المعالجة بمصالح واهتمامات الجماهير.
وتهدف التغطية المتكاملة إلى تكوين موقف معين متكامل ووعي عميق بالأزمة من خلال المعرفة العلمية السليمة لمعطيات الأزمة ولذلك يحاول هذا النوع التغطية:
د‌- إعطاء صورة كاملة تتسم بالوضوح والاتساق والشمول لمختلف جوانب الأزمة وتقديم تاريخ وسياق الأزمة، وكذلك تقديم آفاق تطورها.
وهي أيضا تراعي في ذلك كل المستويات المختلفة للجمهور والاعتماد على كوادر إعلامية مؤهلة ومعروفة.
6/ التعدد والتكامل في الأداء الإعلامي أثناء الأزمة:
وهي كالآتي:
 أن تعمل هذه المنظومة كوحدة متكاملة ، بحيث تنجز الوظائف والمهام الملقاة على عاتق الإعلام أثناء الأزمة.
 أن تسعى الوسيلة الإعلامية إلى إنجاز مهامها ووظائفها المحددة في إعلام الأزمة، بما يتناسب مع نوعيتها، وشخصيتها، ومجالها، وجمهورها وأن تحافظ في ذلك على شخصيتها وألا تتصدى لتحقيق وإنجاز وظائف ومهام وسائل أخرى.
 تحقيق مبدأ الوحدة والتنوع في أداء الوسائل الإعلامية مسألة مركزية هامة في الإدارة الإعلامية للأزمة وهي بحاجة إلى الفهم العميق لخصائص الوسائل.
 كما يجب استخدام الأشكال والأساليب التعبيرية الإعلامية المختلفة، ( السردية، والحوارية، والدرامية، والتسجيلية.....الخ ). (1)
المطلب الثاني: تصور مقترح لإدارة الإعلام أثناء الأزمة
في ضوء ماتقدم عن خصائص الأزمة والإعلام ، يستطيع الباحث أن يؤكد أن إدارة الإعلام أثناء الأزمة تصبح مسألة مرتبطة عضويا بمجمل النسيج الإجتماعي والاقتصادي والبنية السياسية للنظام السائد .
وبالتالي إمكانية تقديم وصفة جاهزة للاستخدام في كل زمان ومكان تعكس إدارة الإعلام أثناء الأزمات طبيعة النظام السائد ، ونظام الملكية السائد في قطاع الإعلام ، ونوعية الدور الذي يلعبه الإعلام في المجتمع وفي ضوء الفلسفة الإعلامية السائدة، ومستوى الخبرة الاتصالية للجمهور ونوعية النظرة العامة للإعلام من جانب الشرائح المختلفة من الجمهور وحجم ونوعية الإمكانات المادية والبشرية المتاحة والمتوفرة طبعًا بالإضافة إلى طبيعة الأزمة، ونوع الإستراتيجية العامة لمواجهتها وطبيعة الأهداف المطلوب تحقيقها.
ويتحدد دور الإعلام في الأزمة في ضوء الإستراتيجية العامة لمواجهة الأزمة، وهذه قضية مركزية تحددها القيادة السياسة العليا، وتصبح مهمة القيادة الإعلامية وضع الخطط والبرامج التي تمكن الإعلام من أن يقوم بالدور المكلف به، وبالتالي من أن ينجز ويحقق المهام والوظائف المتاحة به أثناء الأزمة.
وفي ضوء ماتقدم نحاول اقتراح سيناريو لإدارة الإعلام أثناء الأزمة في ظروف البلدان النامية والأنظمة السائدة فيها .
ويمكن تحديد خطوات هذا السيناريو على النحو التالي :
1- تحديد الرؤية العامة للأزمة: تجتمع القيادة السياسية، وتضع الأسس والمنطلقات العامة والمبدئية لفهم الأزمة والتعامل معها ومواجهتها وتعتبر هذه الأسس والمنطلقات بمثابة الإطار العام الذي يحدد المنظور العام، ولكن غير النهائي للأزمة.
وتقدم القيادة بجمع فريق عمل متكامل يضم قياديين وخبراء واختصاصيين في المجال المحدد للأزمة وفي المجالات الأخرى ذات الصلة ، وغالبًا مايكون ممثل القيادة الإعلامية ممثلا في هذه اللجنة .
2- تشخيص الأزمة: يقوم فريق العمل بجمع المعلومات والبيانات المتعلقة لعناصر الأزمة كافة، وبمختلف أطرافها وجوانبها ومن ثم قراءة هذه المعلومات والبيانات ، وتفسيرها ، وتحليلها للتوصل إلى رؤية شاملة وإلى فهم عميق لطبيعة الأزمة، وذلك ضمن الإطار العام الذي حددته القيادة ووفق المنطلقات العامة التي تحددها .
3- وضع المشروع الأولي لإستراتيجية المواجهة: يقوم فريق العمل بتحليل عميق وشامل للموقف، ويضع المشروع الأولي للإستراتيجية العامة للتعامل مع الأزمة، ويحدد برامج المواجهة في المجال المحدد للأزمة.
وبعدها يرفع فريق العمل دراسته إلى القيادة العليا باعتبارها صاحبة القرار الفصل ، ويقوم هذه الأخيرة بتقويم الدراسة وإقرار ماتراه مناسبًا بشأنها .
4- هيئة أركان مركزية: وتشكل القيادة السياسية هيئة أركان مركزية دائمة لإدارة الأزمة ، وتضم قياديين ومسؤولين كبار في مجال الأزمة، وتكون هذه الهيئة بمثابة العقل المركزي للمسؤول عن إدارة الأزمة بمراحلها المختلفة، وعن ضمان ومراقبة تنفيذ الإستراتيجية العامة لمواجهة الأزمة .
5- هيئة أركان إعلامية: تحدد القيادة الإعلامية بالتعاون مع هيئة الأركان المركزية وبموافقتها هيئة أركان إعلامية مركزية، ترتبط مباشرة عن طريق رئيسها بهيئة الأركان المركزية، وتكون مسؤولة أمامها عن القيام بالدور المحدد للإعلام في الإستراتيجية العامة للمواجهة .
ويمكن وضع الأطر العامة التي تحدد كيفية التعامل إعلاميًا مع الأزمة على النحو التالي:
أ‌- نوعية وطبيعة وحجم الأزمة .
ب‌- طبيعة النظام السائد.
ت‌- نوعية المنظومة الإعلامية المتوفرة .
ث‌- نوعية النظام الإعلامي السائد.
ج‌- نوعية وحجم الإمكانيات المادية والبشرية المتاحة .
ح‌- موقف الدولة من الأزمة .
خ‌- الإستراتيجية العامة التي تحددها القيادة السياسية ممثلة بهيئة الأركان المركزية لمواجهة الأزمة . (1)
المطلب الثالث: دور الإعلام قبل، وأثناء، وبعد الأزمة (2)
1- إدارة الإعلام قبل انفجار الأزمة:
أ‌- تضع هيئة الأركان الإعلامية خريطة شاملة وكاملة للمنظومة الإعلامية المتوفرة ( تضم جميع وسائل الإعلام الجماهيري "" المطبوعة، المسموعة، المرئية "" ).
ب‌- إنطلاقًا من الإدراك العميق لخصائص كل نظام اتصالي، وكل وسيلة إعلامية ، تقوم هيئة الأركان الإعلامية بتحديد وظائف هذه الوسائل كافة .
ت‌- وانطلاقا من الفهم العميق لخصائص الشرائح المختلفة من الجمهور ( الداخلي والإقليمي والعالمي ) تقوم هيئة الأركان الإعلامية بتحديد الجمهور المستهدف بالنسبة لكل وسيلة الإعلامية.
ث‌- ونظرًا من الإدراك العميق لنظريات الإقناع والتأثير تقوم هذه الهيئة بتحديد أسلوب الإعلامي الناسب استخدامه في كل وسيلة من وسائل الاتصال المتوفرة وبالتنسيق الكامل والتفاهم والتعاون مع الكوادر الإعلامية العاملة في هذه الوسائل والممثل معظمها في هيئة الأركان الإعلامية.
ج‌- تشكل هيئة الأركان الإعلامية المركزية في كل مؤسسة إعلامية فريق عمل مؤهل ومتخصص ومتنوع: يضم رئيسًا ومجموعة من المحررين والمصورين، وذلك حسب أهمية ونوعية وحجم وطبيعة مهام كل وسيلة لتقديم التغطية الكاملة والمستمرة للأزمة.
2- إدارة الإعلام أثناء الأزمة: يعتبر انفجار الأزمة تطورًا نوعيًا وليس كميا فقط في حياة الأزمة، يستدعي إعادة تقييم ، وإجراء مراجعة شاملة وعاجلة ، تقوم بهما القيادة العليا ممثلة في هيئة الأركان المركزية المكلفة بإدارة الأزمة .
ونعتقد أن الإعلام يستطيع أن يساهم في عملية إعادة تقدير الموقف هذه بإعتباره المجال المرتبط والمعبر عن المجالات الأخرى كافة ، بالإضافة إلى كونه الجهة الأكثر وضوحًا في التعامل مع الأزمة.
وتتميز مرحلة انفجار الأزمة بالسمات التالية:
أ‌- تتضاعف الأهمية الذاتية للإعلام ليصبح واحدًا من الأسلحة الإستراتيجية المستخدمة في إدارة الصراع وهذا مايفسر التحام الإعلام بآلة الدولة.
ب‌- يتسع الصراع وتتعدد ساحاته ، وتزداد وتيرة تبدلاته وتجلياته ، ويتسارع إيقاعه ، وتزداد الحاجة إلى مواكبة ذلك كله، وتغطيته إعلاميًا وبشكل سريع ، وربما فوري ومتزامن ، حين يكون ذلك مطلوبا وممكنا ويتخذ الطابع العام للتغطية الإعلامية الفورية طابعًا إخباريًا أساسًا، وهذا مايفسر سيادة استخدام الأنواع الصحفية الإخبارية ( الخبر بأنواعه، والتقرير بأنواعه، والحديث والتحقيق ).
ت‌- يزداد الجوع إلى الأخبار والمعلومات ، ويزداد الإقبال على وسائل الاتصال ويتضاعف ، وبالتالي تعرض الشرائح المختلفة من الجمهور لوسائل الاتصال باعتبارها الوسيلة الوحيدة الممكنة لمعرفة ماذا يحدث ، وهذا مايزيد من الأهمية الذاتية للإعلام.
3- إدارة الإعلام بعد الأزمة: الأزمة حدث هام يترك أثاره العميقة على مختلف جوانب الحياة في البلاد والأزمة هي لحظة في سياق، وإذا كانت الأزمة قد خفت أو انتهت، فإن السياق مستمر، وبالتالي فإن آثارها ذات حضور قوي، وبالتالي تمارس تأثيرًا.
أشرنا سابقًا إلى ضرورة أن يمهد الإعلام في المرحلة السابقة إلى النتائج المتوقعة للأزمة، بغض النظر عن طبيعة النتائج، وهنا نرى ضرورة إنجاز المهام التالية:
أ‌- عدم التوقف فجأة عن الاهتمام بالأزمة، وعدم ترك الجمهور في فراغ .
ب‌- ضرورة التركيز في هذه المرحلة من إدارة الأزمة إعلاميًا على استخلاص العبر والدروس والنتائج من الأزمة. ( اوشمع الضباب الآن، وخمد غبار الصراع، وخف التوتر، وهدأت الأعصاب، وتكشفت الأمور والحقائق، ) باستطاعة الإعلام ، معتمدا على كوادره، وعلى قادة الرأي، وعلى الخبراء الأخصائيين، تقديم رؤية معمقة للأزمة وللدروس المستفادة منها.إن هذا من شأنه أن يساهم في ترسيخ التأثير، وتدعيم الإتجاهات التي أوجدها لدى الجمهور.
ت‌- ضرورة إجراء عملية تقييم شاملة لإدارة الأزمة، تشمل هذه العملية الإجابة عن تساؤلات كثيرة وهامة: كيف كان الأداء الإعلامي عموما ؟ مدى واقعية ومرونة البرامج الموضوعة، ومصاعب تنفيذها، ومواقف الكادر وسلوكه وأدائه، وأداء الوسائل الإعلامية المختلفة، واستجابة الجمهور، ومجابهة الإعلام المضاد.......الخ.
ورفع دراسة شاملة عن التجربة كلها إلى هيئة الأركان المركزية .
المطلب الرابع: مواجهة الحملات المعادية والشائعات (1)
1- مجابهة الحملات الإعلامية المعادية: يتعرض الرأي العام العالمي لدعاية مضادة ومكثفة ومتعدد المصادر، وتشكل مهمة مجابهة هذه الدعاية المضادة إحدى المهام المركزية للقادة الإعلامية المركزية في المراحل المختلفة من تطور الأزمة.
ويمكن تحديد أبرز سمات هذه المجابهة على النحو التالي:
أولا: إن الأسلوب الأنجع والأقوى والأشد تأثيرا من جميع الأساليب المستخدمة لمجابهة الحملات الإعلامية المعادية يتمثل في تقديم خطاب إعلامي عني وموضوعي وجذاب ويتمتع بقدر كبير من الوثائقية والمصداقية.
ثانيا: اليقظة المستمرة والمراقبة الدقيقة لإعلام الخصم مسألة بالغة الأهمية في إدارة الأزمة إعلاميا وذلك:
1- متابعة وتسجيل الخطاب الإعلامي للخصم.
2- دراسة وتحليل شكل ومضمون الرسائل الإعلامية التي يوجهها الخصم للداخل والخارج.
3- تحديد الجماهير التي يستهدفها إعلام الخصم.
4- إتخاد القرارات الناسبة بخصوص كيفية مواجهة هذا الإعلام المضاد.
5- وضع خطط والبرامج العامة والتفصيلية الكفيلة بتحقيق مجابهة فعالة.
6- تبليغ الوسائل الإعلامية المختلفة بهذه الخطط والبرامج.
ثالثًا: التطبيق الخلاق والمبدع لأساليب الدعاية المضادة وهي تختلف باختلاف الأزمة ، وإستراتيجية إدارتها ومستوى المنظومة الإعلامية.
ومع ذلك يمكن الاسترشاد بالأساليب التالية:
1- السبق: السعي دائما لاستخدام أحد الموضوعات قبل أن يستخدمها الخصم مباشرة.
2- الدعاية المضادة المباشرة: الإجابة على مزاعم وإدعاءات الخصم مباشرة وتفنيدها.
3- الدعاية المضادة غير المباشرة: تقديم موضوعات جديدة مناسبة يكذب الخصم ضمنا وتلميحا.
4- الصمت: تجاهل مزاعم العدو.
5- تصغير شأن الموضوع: التقليل من أهمية ماتركز عليه دعاية العدو.
1- التعامل مع الشائعات أثناء الأزمة: تقع الشائعات موضوعيا ضمن الأطر العامة للحرب النفسية وللدعاية والدعاية المضادة.
الشائعة سلوك اجتماعي ( وإعلاميًا ) هي: بمنظورها خبر، وهي ككل سلوك، تصدر عن دافع، وتهدف إلى غاية، وتسلك سبيلا معينا يحمل الطابع المميز للمجتمع في لحظة معينة ولذلك تعتبر الشائعة وليدة مجتمعها.
وتحدد نظرية "" روزناو"" أربعة ظروف تؤثر في ظهور الشائعات:
1- الغموض العام.
2- الاهتمام بالنتائج.
3- القلق الشخصي.
4- سرعة التصديق.
ويمكن تصنيف الشائعات وفق مبادئ التصنيف:
1- سرعة السريان: المعيار الزمني هنا هو أساس التصنيف وتندرج تحت هذا التصنيف الشائعات التالية:
أ‌- الشائعة الغاطسة: التي تنتشر لفترة معينة وتختفي.
ب‌- الشائعات المندفعة: التي تنتشر كالشهب في وقت قصير جدا.
ت‌- الشائعة الحابية: التي تنمو ببطء وفي جو من السرية.
2- دوافع المتلقي:
3- الاختلاف أو الاتفاق مع المعلومات المتلقي ومعتقداته.
4- الواقعية والاختلاف: هنا نجد الشائعات تنشأ نتيجة لحدث فعلي، ولكنه غامض وغير مؤكد .
5- مدى عمومية الشائعة: الشخصية، المحلية، والقومية، والدولية.
6- أهداف الشائعات: يمكن تصنيف الشائعات حسب أهدافها إلى دفاعية وهجومية.
المراجـع
أولا: الكتب
1- أحمد جلال عزالدين، إدارة الأزمة في الحدث الإرهابي، أكاديمية نايف للعلوم الأمنية، الرياض، 1410هـ .
2- أحمد عامر، مقدمة في إدارة الأزمات ، ( ب،ن)، ( بدون ذكر مكان النشر ) ، 1979 .
3- أديب خضور، الإعلام والأزمات ، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، ط1،الرياض، 1420هـ ، 1999 .
4- بدير عوض، إدارة الكوارث والأزمات، ندوة الأسلوب العلمي لغدارة الأزمات، الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، القاهرة، 1993.
5- حسين عمر عدس، إدارة الأزمات والكوارث والمواجهة الأمنية لأضرارها، ورقة عمل مقدمة للمؤتمر الأول لإدارة الأزمات والكوارث، جامعة عين الشمس، القاهرة، 1996.
6- الخضيري، محسن أحمد ، إدارة الأزمات : منهج اقتصادي إداري متكامل لحل الأزمات ، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1996.
7- الشعلان ، فهد أحمد، إدارة الأزمات : الأسس، المراحل ، الآليات ، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، ط2، الرياض، 2002 .
8- عثمان، عثمان، مواجهة الأزمات، مصر العربية للتوزيع، القاهرة، 1955.
9- العماري ، عباس رشدي، إدارة الأزمات في عالم متغير ، الأهرام للنشر ، القاهرة ، 1993 .
10- محمد سمير فرج، إدارة الأزمة بين الذكاء والإبداع، ورقة بحث مقدمة إلى ندوة الأزمات، معهد العلوم الإستراتيجية.
11- هلال محمد عبد الغاني حسن، مهارات إدارة الأزمات: الأزمة بين الوقاية منها والسيطرة عليها، مركز تطوير الأداء والتنمية، القاهرة، 2001.
ثانيا: المذاكرات
12- سمحي محمد القحطاني، دور إدارات العلاقات العامة في التعامل مع الأزمات والكوارث، رسالة مقدمة للحصول على درجة الماجستير في العلوم الأمنية،جامعة نايف للعلوم الأمنية، الرياض ،1424هـ ، ص 16،17 .
13- عبد الله بن سليمان العمار، دور تقنية ونظم المعلومات في إدارة الأزمات والكوارث، بحث مقدم استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في العلوم الإدارية، جامعة نايف للعلوم الأمنية، الرياض، ( ب س )
لاتوجد مقدمة والخاتمة

Admin
Admin

المساهمات : 5
تاريخ التسجيل : 02/03/2015

https://stratigie.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى